ألقاب وصفات المسيح الألوهية
مـنـتـديـات الـمســيح هــو الله :: † المنتديات الحياة المسيحية † :: منتدى الاسئلة الاهوتية و العقائدية المسيحية
صفحة 1 من اصل 1
ألقاب وصفات المسيح الألوهية
الفصل الثالث: ألقاب وصفات المسيح الألوهية
أولاً: ألقاب المسيح
«يسوع»
هو الاسم الذي يعني مخلّص، وهو ما نسبه الملاك للمسيح
عندما كشف حقيقة مجيئه لكل من يوسف ومريم. قال الملاك ليوسف: «وَتَدْعُو ٱسْمَهُ يَسُوعَ، لأنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» (متى 1: 21) وقال لمريم: «هَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ٱبْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ» (لوقا 1: 31). «يسوع» هو الصيغة اليونانية للاسم العبري «يشوع» الذي يعني «يهوه هو الخلاص». أما وقد دُعي المسيح بـ «يسوع» فقد عبَّر هذا عن أهمية المهمة الخلاصية التي جاء لينجزها.
واسم المسيح يعني «الممسوح». وكان اللقب المعروف للمخلّص، وكثيراً ما استُعمل كاسم عَلَم. و «مسيح»
يعني الممسوح من قِبَل الرب، وهذا له أساس قوي ومتواصل
في تاريخ الشعب العبري عندما كان يتم احتفال تتويج ملوكهم
بالمَسْح بالزيت (راجع صموئيل الأول 9: 16 و 10: 1 وسفر صموئيل
الثاني 19: 10). فالملك كان يُدعى أحياناً «مسيح يهوه» (راجع سفر صموئيل الأول 24: 6). إذن لقب «المسيح» هو للتذكير بأن الملك هو من أعلى طراز، أما الإسم المركب «يسوع المسيح»، فالمقصود منه هو «المخلص الممسوح»
أي المخلص صاحب المكانة عند اللّه.تبيِّن لنا سجلات العهد الجديد
حقيقة هامة هي أنّ يسوع تقبَّل من الناس أسمى الألقاب.
فقد سمح لهم بأن يصفوه بما يوصف به اللّه. مع أنه منع غيره من
قبول ألقاب مثل «المعلم» أو «السيد»
(متى 23: 8 - 10) نجده يقبل لنفسه تلك الألقاب (يوحنا 4: 31 و 9:
2)، بل أنه أكثر من ذلك امتدح من أعطوه إياها إذ قال: «أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّماً وَسَيِّداً، وَحَسَناً تَقُولُونَ، لأنِّي أَنَا كَذٰلِكَ»
(يوحنا 13: 13). وعندما كانوا يهيئون دخوله للقدس في
موكب كبير، أرسل المسيح اثنين من تلاميذه ليأتيا بجحش، وأمرهما أن
يقولا لصاحبه إن «... ٱلرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ» (مرقس 11: 3). ويُدعى المسيح عبر صفحات العهد الجديد «سيد»
ليس بمجرد المعنى الذي فيه يقدم للبشر قسطاً من السلطة
والشرف أو المكانة، بل بمعنى كونه حقاً السيد الأسمى ومطلق
السيادة في ملكوته. وهو ربّ المسيحيين المؤمنين به، مثلما كان
اليهود يؤمنون أن يهوه هو الرب في أيام العهد القديم.
قيل عنه في الإنجيل حسب لوقا 2: 11 و 6: 5 «وُلِدَ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱلرَّبُّ» و «ابن الإِنسان هو ربّ السبت». وفي الرسالة إلى فيلبي 2: 11 و 4: 5 «... يَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ ٱللّٰهِ ٱلآبِ»، ثم «الربّ قريب».
في الرسالة الأولى إلى كورنثوس 2: 8 ذكر: «رب المجد» وورد في الإنجيل حسب متى 15: 22 «ارحمني يا سيد» وكتب بولس الرسول في الرسالة إلى رومية 10: 9 «لأنَّكَ
إِنِ ٱعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ،
وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ ٱللّٰهَ أَقَامَهُ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ،
خَلَصْتَ». ومن سفر أعمال الرسل 10: 36 «يُبَشِّرُ بِٱلسَّلامِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. هٰذَا هُوَ رَبُّ ٱلْكُلِّ». ويضيف سفر الرؤيا في 4: 8 و 4: 11 و 19: 16 ما يلي: «قُدُّوسٌ
قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، ٱلرَّبُّ ٱلإِلٰهُ ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ، ٱلَّذِي كَانَ وَٱلْكَائِنُ وَٱلَّذِي يَأْتِي». «أَنْتَ
مُسْتَحِقٌّ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ أَنْ تَأْخُذَ ٱلْمَجْدَ
وَٱلْكَرَامَةَ وَٱلْقُدْرَةَ، لأنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ كُلَّ
ٱلأَشْيَاءِ، وَهِيَ بِإِرَادَتِكَ كَائِنَةٌ وَخُلِقَتْ».
«وَلَهُ عَلَى ثَوْبِهِ وَعَلَى فَخْذِهِ ٱسْمٌ مَكْتُوبٌ: مَلِكُ ٱلْمُلُوكِ وَرَبُّ ٱلأَرْبَابِ».
لقد
أعلن الوحي المقدس المسيح ربّاً للجميع، للذين في السماء وعلى
الأرض. له يجب أن تسجد جميع المخلوقات اعترافاً بسلطانه
المطلق. وحده له الحق فينا والسلطان علينا لأنه الخالق والفادي.
استعمل الرسول بولس عادة اصطلاحاً تقديمياً في رسائله هو «ٱللّٰهِ أَبِينَا وَٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ»
كشهادة إيمان مسيحية للّه (راجع الرسالة إلى رومية 1: 7
والرسالة الأولى إلى كورنثوس 1: 3 والرسالة الثانية إلى كورنثوس
1: 2 والرسالة إلى غلاطية 1: 3)، الصيغة المركبة هذه هي إشارة
للإله الذي يعبده المسيحيون، وهي تشير لكل من الآب والابن في
مساواة مطلقة. هكذا فإن الآب والابن متحدان معاً، لا
انفصال أو تفريق بينهما في وحدانية جوهرهما ومع ذلك فإنهما
يتمتعان باستقلال ذاتي، فبعض الأعمال تنسب للواحد دون الآخر،
مثلاً في الرسالة إلى غلاطية 1: 1-3 نقرأ عن «يَسُوعَ
ٱلْمَسِيحِ وَٱللّٰهِ ٱلآبِ وَرَبِّنَا يَسُوعَ
ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأجْلِ خَطَايَانَ». أما البركة الرسولية فهي: «نِعْمَةُ
رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ ٱللّٰهِ،
وَشَرِكَةُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمين» (2
كورنثوس 13: 14). ففيها يبقى اسم الرب يسوع المسيح مرتبطاً في
مساواة مطلقة مع الآب والروح القدس، كمصدر لكل بركة
روحية.
كانت
قد نُسبت أسماء متنوعة وكثيرة للّه في العهد القديم، نسبها
العهد الجديد أيضاً للمسيح. فالبشير متّى عند تسجيله لولادة
المسيح نسب إليه الاسم «عمانوئيل» إذ يقول: «وَهٰذَا
كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ ٱلرَّبِّ
بِٱلنَّبِيِّ: «هُوَذَا ٱلْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ٱبْناً،
وَيَدْعُونَ ٱسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» (ٱلَّذِي
تَفْسِيرُهُ: اَللّٰهُ مَعَنَا)» (متى 1: 22 و 23. إشعياء 7: 14).
في
العهد الجديد يظهر المسيح كملكنا وفادينا في هيئة شخصية
أزلية. ويقول الرسول يوحنا في معرض وصفه للرؤيا التي رآها عن
عظمة المسيح المتسلط على كل شيء. «فَلَمَّا
رَأَيْتُهُ سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ، فَوَضَعَ
يَدَهُ ٱلْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلاً لِي: لا تَخَفْ، أَنَا هُوَ
ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ، وَٱلْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتاً وَهَا
أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ ٱلآبِدِينَ. آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ
ٱلْهَاوِيَةِ وَٱلْمَوْتِ» (رؤيا 1: 17 - 18). وفي نبوة إشعياء 44: 6 نقرأ: «هَكَذَا
يَقُولُ ٱلرَّبُّ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَفَادِيهِ، رَبُّ
ٱلْجُنُودِ: أَنَا ٱلأَوَّلُ وَأَنَا ٱلآخِرُ وَلا إِلَهَ غَيْرِي». وكما رأينا فإن يسوع المسيح يدعى «ربّ»
مراراً وتكراراً في العهد الجديد. لكن هذا الموقف لا ينفرد به
العهد الجديد وحده، فالعهد القديم، في معرض التنبؤ عن
المسيح، أشار إليه بوضوح أحياناً بنفس اللقب. هذا ما نجده في
مزمور 110: 1 «قَالَ ٱلرَّبُّ لِرَبِّي: ٱجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ».
(قابل هذا بما ورد في الإنجيل بحسب متى 22: 44 حيث ينسب
المسيح لنفسه تلك الإشارة من سفر المزامير. وكذلك نقرأ في نبوة
ملاخي 3: 1 «وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ ٱلسَّيِّدُ ٱلَّذِي تَطْلُبُونَهُ».نسب العهد الجديد ليسوع إسم «اللّه»
أكثر من عشر مرّات (راجع يوحنا 1: 1 و 18 و 20: 28 ورسالة يوحنا
الأولى 5: 20 والرسالة إلى العبرانيين 1: 8 ورسالة الرسول بطرس
الثانية 1: 1 وسفر أعمال الرسل 18: 26 و 20: 28 والرسالة إلى
رومية 9: 5 والرسالة الثانية إلى تسالونيكي 1: 12 والرسالة
إلى تيطس 2: 13 والرسالة الأولى إلى تيموثاوس 3: 16).
هذا
ما يتفق عليه علماء تفسير الكتاب من شتى المذاهب هو أن
يسوع، كما أعلن العهد الجديد، هو نفسه ربّ العهد القديم. فكتبة
العهد الجديد ينسبون للمسيح أقوالاً من العهد القديم هي في أصلها
كانت تشير إلى «أدوناي» أو «يهوه»
إسمي الألوهية في العهد القديم. (قابل نبوة أشعياء 40: 3 مع
الإنجيل حسب مرقس 1: 3 ونبوة يوئيل 2: 32 مع سفر أعمال الرسل
2: 21 والرسالة إلى رومية 10: 13 ونبوة إشعياء 45: 23 مع
الرسالة إلى فيلبي 2: 10 ... قابل أيضاً نبوة إرميا 9: 24 مع
الرسالة الأولى إلى كورنثوس 1: 31 و 10: 17 ومزمور 68: 18 مع
الرسالة إلى أفسس 4: 8، ونبوة إشعياء 2: 19 مع الرسالة الثانية
إلى تيموثاوس 4: 14 وسفر الرؤيا 22: 13).
علينا أن نلاحظ إذن أن المسيح يُدعى في العهد الجديد بالألقاب التالية:
في الإنجيل بحسب متى
«يسوع، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم» 1: 21
«عمانوئيل، أي اللّه معنا» 1: 23
«المسيح ابن اللّه الحي» 16: 16
«يسوع المسيح» 16: 20
«ابن الإِنسان» 17: 9
«معلم» 23: 10
في الإنجيل بحسب لوقا
«يسوع الناصري، قدّوس اللّه» 4: 34
في الإنجيل بحسب يوحنا
«الكلمة» 1: 1
«كل شيء به كان» 1: 3
«كُّوٍّن العالم به» 1: 10
«الابن الوحيد» 1: 18، 3: 16
«ابن اللّه» 1: 34 و 49، 20: 31
«ملك إسرائيل» 1: 49
«المسيح مخلّص العالم» 4: 42
«الخبز الحي» 6: 51
«الباب» 10: 7
«الراعي الصالح» 10: 11
«القيامة والحياة» 11: 25
«المسيح ابن اللّه الآتي إلى العالم» 11: 27
«الطريق والحق والحياة» 14: 6
«الكرمة الحقيقية» 15: 1
في سفر أعمال الرسل
«القدوس البار» 3: 14
«رئيس الحياة» 3: 15
«مخلّص» 5: 13
في الرسالة إلى رومية
«إلهاً مبارك» 9: 5
في الرسالة الأولى إلى كورنثوس
«قوة اللّه وحكمته» 1: 24
«ربّ المجد» 2: 8
«رأس كل رجل» 11: 3
في الرسالة الثانية إلى كورنثوس
«صورة اللّه» 4: 4
في الرسالة إلى غلاطية
«فادي» 3: 13
في الرسالة إلى فيلبي
«ربّ» 2: 11
في الرسالة الأولى إلى تيموثاوس
«ربّ الأرباب» 6: 15
في الرسالة إلى العبرانيين
«وارث لكل شيء» 1: 2
«بهاء مجد اللّه ورسم جوهره» 1: 3
«رئيس الخلاص» 2: 10
«رئيس كهنة عظيم» 4: 14
«رئيس الإِيمان ومكمّله» 12: 2
«وسيط» 12: 24
في رسالة بطرس الثانية
«المخلّص» 1: 1
في سفر الرؤيا
«الرب الكائن» 1: 8
«الكائن والذي كان والذي يأتي» 1: 8
«القادر على كل شيء» 1: 8
«الأول والآخر» 1: 17
«الحيّ» 1: 18
«الألف والياء البداية والنهاية» 21: 6
ثانياً: صفات المسيح
نجد
عبر صفحات العهد الجديد الخصائص والصفات الإِلهية الثابتة
للمسيح، وذلك لا يحدث على سبيل المجاملة كما في حالات امتداح
مخلوقين أتقياء، بل أن ما ينسب إلى المسيح من صفات هو من النوع
الذي لا يمكن أن يُنسب سوى للّه وحده. فيما يلي نعرض قائمة بتلك
الخصائص:
1 - بلا خطية:
في الإنجيل بحسب يوحنا 6: 69 نجد إقراراً مهمّاً أعلنه الرسول بطرس عن المسيح الذي آمن به: «أَنْتَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ». وفي رسالته الأولى يقول بطرس عن سيده: «لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلا وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ» (2: 22). ويصرح الرسول بولس بدوره فيقول عن المسيح: «لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً» (2 كورنثوس 5: 21)، أما كاتب الرسالة إلى العبرانيين فيقول في المسيح: «قُدُّوسٌ بِلا شَرٍّ وَلا دَنَسٍ، قَدِ ٱنْفَصَلَ عَنِ ٱلْخُطَاةِ...»
(7: 26) وقد تحدث المسيح نفسه عن قداسته وكماله. ففي يوحنا 8: 29
يقول مشيراً إلى كمال أخلاقه وعصمته عن الخطأ بالنسبة لشريعة
اللّه: «لأنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ». وفي يوحنا 8: 46 تحدّى معارضيه الذين سعوا للتشكيك في نزاهته قائلاً: «مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟» إضافة إلى ذلك فإن الإنجيل يحدثنا عن إقرار الشياطين، ألدّ أعدائه، فيقولون عنه: «قدّوس اللّه»
(مرقس 1: 24). هذه كلها اعتبارات مهمّة، خاصة وإن الكتاب المقدس
لا يسمح بأن تُضفى مثل هذه الصفات من الكمال على أي من
خلائق اللّه.
2 - الأزلية:
مقدمة
الإنجيل بحسب يوحنا لها مقامها الفريد من جهة الكشف عن
أزلية المسيح. ففي العدد الأول نرى تعريفاً مهمّاً للمسيح ككلمة
اللّه المتجسد: «في البدء كان الكلمة»، وفي نفس السفر نجد إعلانات واضحة من فم المسيح نفسه عن أزليته، فيقول عن نفسه: «قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ» (يوحنا 8: 58). ثم في صلاته الشفاعية الخاصة صلّى المسيح للآب قائلاً: «مَجِّدْنِي بِٱلْمَجْدِ ٱلَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ ٱلْعَالَمِ» (يوحنا 17: 5)، «لأنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ ٱلْعَالَمِ»
(العدد 24) بالإضافة إلى هذا نجد مضمون النبوات التي تحدثت عن
المسيح في أسفار أنبياء العهد القديم قبل مجيئه بمئات
السنين. فالنبي إشعياء دعاه في سفره «أباً أبدي» (9: 6) والنبي ميخا قال عنه: «مَخَارِجُهُ مُنْذُ ٱلْقَدِيمِ مُنْذُ أَيَّامِ ٱلأَزَلِ» (5: 2). إذن المسيح هو ملك جميع الدهور.
3 - مصدر الحياة: خالقها ومبدعها:
تطرّق الوحي الإِلهي إلى وصف المسيح كما يلي في الإنجيل بحسب يوحنا:
4 - الثبات المطلق وعدم التغيّر:
توجز الرسالة إلى العبرانيين وتحسم الأمر هكذا: «يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَٱلْيَوْمَ وَإِلَى ٱلأَبَدِ» (13: . «وَأَنْتَ
(إشارة إلى المسيح) يَا رَبُّ فِي ٱلْبَدْءِ أَسَّسْتَ ٱلأَرْضَ،
وَٱلسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ. هِيَ تَبِيدُ
وَلٰكِنْ أَنْتَ تَبْقَى، وَكُلُّهَا كَثَوْبٍ تَبْلَى،
وَكَرِدَاءٍ تَطْوِيهَا فَتَتَغَيَّرُ. وَلٰكِنْ أَنْتَ أَنْتَ،
وَسِنُوكَ لَنْ تَفْنَى» (1: 10 - 12).
5 - القدرة المطلقة على كل شيء:
لم
يتردد السيد المسيح مطلقاً في الكشف عما لديه من قدرة في الوقت
المناسب. هذا لا يقتصر على مجرد إجراء المعجزات والعجائب،
وكذلك لا غموض في تصريحاته عن هذا الموضوع: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى ٱلأَرْضِ» (متى 28: 18)، «كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي» (متى 11: 27).
كتب الرسول بولس بوحي من الروح القدس في رسالته التعليمية إلى المؤمنين في أفسس: «وَأَخْضَعَ
(أي اللّه الآب) كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، وَإِيَّاهُ
جَعَلَ رَأْساً فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ» (أفسس 1: 22). أما كاتب الرسالة إلى العبرانيين فيعرّف المسيح أنه: «حَامِلٌ كُلَّ ٱلأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ» (1: 3). وفي سفر الرؤيا يخبرنا الوحي أن المسيح هو «ٱلرَّبُّ ٱلْكَائِنُ... وَٱلَّذِي يَأْتِي، ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» (1: ، والنبي إشعياء تنبأ عنه قائلاً فيه «الإِله القدير» (إشعياء 9: 6).
لكن
الأمر لم يقتصر على مجرد بيانات. إنما ما قيل في المسيح،
سواء على فمه هو أو على فم غيره، بوحي من اللّه، كان دائماً
مدعَّماً بالأعمال الخارقة للطبيعة والتي أُجريت علناً وشهد لها
الجميع، الأصدقاء والأعداء على السواء. فقد أقام الموتى (راجع
يوحنا 11: 43، 44 ولوقا 7: 14 و15) . وكشف أنه هو الذي
سينجز عملية القيامة الأخيرة لجميع الأموات عندما قال: «إِنَّهُ
تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ ٱلَّذِينَ فِي
ٱلْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ ٱلَّذِينَ فَعَلُوا
ٱلصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ ٱلْحَيَاةِ وَٱلَّذِينَ عَمِلُوا
ٱلسَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ ٱلدَّيْنُونَةِ» (يوحنا 5: 28، 29).
6 - العلم المطلق بكل شيء:
قال التلاميذ للسيد المسيح: «اَلآنَ نَعْلَمُ أَنَّكَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ...»
(يوحنا 16: 30)، والإنجيل المقدس يكشف لنا حقيقة عِلْم المسيح
بما يجري في عقول وأفئدة البشر. فعندما صرح للمفلوج بغفرانه
لمعاصيه كشف في نفس الوقت عن الاشمئزاز الصامت لمعارضيه
بتصريحه هذا: «فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، فَقَالَ: لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِٱلشَّرِّ فِي قُلُوبِكُمْ؟» (متى 9: 4).
وهذا ما يسجله أيضاً البشير يوحنا:
«لٰكِنَّ
يَسُوعَ لَمْ يَأْتَمِنْهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، لأنَّهُ
كَانَ يَعْرِفُ ٱلْجَمِيعَ. وَلأنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجاً
أَنْ يَشْهَدَ أَحَدٌ عَنِ ٱلإِنْسَانِ، لأنَّهُ عَلِمَ مَا كَانَ
فِي ٱلإِنْسَانِ» (2: 24،25).
«لأنَّ يَسُوعَ مِنَ ٱلْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ ٱلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ، وَمَنْ هُوَ ٱلَّذِي يُسَلِّمُهُ» (6: 64).
«فَخَرَجَ يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا يَأْتِي عَلَيْهِ» (18: 4).
وورد في رسالة بولس إلى كولوسي أنه «... ٱلْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ ٱلْحِكْمَةِ وَٱلْعِلْمِ» (2: 3). وقال المسيح عن نفسه: «وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ ٱلابْنَ إِلا ٱلآبُ، وَلا أَحَدٌ يَعْرِفُ ٱلآبَ إِلا ٱلابْنُ»
(متى 11: 27). إن ما يكشف عنه المسيح هنا هو في غاية الأهمية.
فهو يفهمنا الحقيقة الأساسية في ألوهيته، وهي أن ذاته وكيانه
اللاهوتييْن هما على درجة شاهقة من العظمة حتى أنه لا يمكن
لأحد غير اللّه نفسه إستيعابهما. ليس ذلك فقط، بل أوضح المسيح لنا
من جهة أخرى أن طاقة معرفته اللاهوتية هي غير محدودة كمعرفة
اللّه الآب الكاملة والتامة.
كشف الإنجيل بكل تأكيد أن يسوع كان يتمتع بعلم وحكمة مطلقين لا حدود لهما. قال أحد المفكرين بهذا الأمر: «إن
أعظم الدلائل على قدرة المسيح الخارقة في فحص وتحليل
وقراءة ما يتضمنه قلب الإِنسان من أسرار هي ما كشف عنه بخصوص كل
من نثنائيل، والمرأة السامرية، وتلميذه الخائن يهوذا، وتلميذه
المغرور بنفسه بطرس. أخبر المسيح وأشار إلى وقائع المستقبل،
فتحدث عن موته وقيامته وعودته إلى الأرض». إن مسيرة
التاريخ كانت مفتوحة أمام عينيه، فهو قد تتبع متضمنات ما سبق
وصار، وهو رأى مسبقاً الأعمال المعجزية الخارقة التي كان سينجزها
تلاميذه، كما أنه أخبر عن هزيمة إبليس العتيدة وانتصار ملكوت
اللّه الذي يلازم ذلك. فالأرض والسماء، الأزل والأبد، اللّه
والإِنسان كل شيء مكشوف أمام عينيه.
7 - الوجود الكلي الذي لا يحده مكان ولا زمان:
عرّفت بشارة يوحنا المسيح على أنه «اَلابْنُ ٱلْوَحِيدُ ٱلَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ ٱلآبِ هُوَ خَبَّرَ»
(1: 18). في ذلك تأكيد ليس فقط على أن المسيح ذو علاقة
لاهوتية مباشرة باللّه، بل أيضاً هنالك تشديد على أنه بالرغم من
تجسُّده ووجوده على الأرض بين البشر فإن صلته الوثيقة ولحمته
الحميمة مع اللّه بقيت دون تغيير أو تحوير. فعند تجسده لم يكن
يعبّر عن مجرد علاقته السابقة باللّه، أي أنه كان مع اللّه،
بل أنه بقي أيضاً مع اللّه. هذا في الواقع ما يعنيه العدد
الأول من بشارة يوحنا والذي يقول دون إبهام: «فِي ٱلْبَدْءِ كَانَ ٱلْكَلِمَةُ (أي المسيح)، وَٱلْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ ٱللّٰهِ، وَكَانَ ٱلْكَلِمَةُ ٱللّٰهَ». فالمسيح إذن كان مع اللّه وبقي عند تجسده في صورة بشرية «كائن» مع اللّه. ويلقي يسوع نفسه ضوءاً على تلك الحقيقة في قوله: «وَلَيْسَ
أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ إِلا ٱلَّذِي نَزَلَ مِنَ
ٱلسَّمَاءِ، ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ ٱلَّذِي هُوَ فِي ٱلسَّمَاءِ» (3: 13). قال المصلح الشهير يوحنا كالفن بصدد هذا النص من الإنجيل: «المسيح
تجسد، ولكنه لم يُحصَر ولم تقلّ قيمته، فابن اللّه نزل من السماء
بطريقة معجزية خارقة للطبيعة، في نفس الوقت الذي فيه بقي
موجوداً في السماء. لقد اختار أن يولد من عذراء بطريقة عجيبة
لكي يعيش على الأرض ويُعلَّق على الصليب. لكنه في الوقت ذاته لم
يكفّ عن أن يملأ الكون بوجوده، كما كان الكون معمَّراً بوجوده منذ
البداية».
ثم نلاحظ أن المسيح نفسه كشف عن حقيقة وجوده الكلي وغير المحدود عندما قال: «حَيْثُمَا ٱجْتَمَعَ ٱثْنَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ بِٱسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ» (متى 18: 20) وكذلك في قوله: «هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ ٱلأَيَّامِ إِلَى ٱنْقِضَاءِ ٱلدَّهْرِ»
(متى 28: 20). إنّ نصّ الإنجيل الأخير هذا ورد على لسان يسوع
عندما كان مجتمعاً برسله على جبل الزيتون بعد قيامته من الأموات.
وهو هنا يطمئنهم ويؤكد لهم استمرارية وجوده وقوته معهم،
حتى أنه أزاح الستار على أنّ تأثيره عليهم ومعهم لن يكون تأثير
معلّم أو نبي ميت ومقبور، بل هو تأثير من هو حاضر وحيّ دائماً.
أما كونه موجوداً في كل مكان فهذا يعني أنه يبقى دائماً قريباً،
قادراً على حماية وتعزية شعبه حتى لا يصيبهم أذى أو أسى
غير ما يراه هو ويسمح به لأجل صالحهم ومنفعتهم. لقد كان حضور
المسيح مع تلاميذه بعد قيامته من الموت أكثر وضوحاً من وجوده
الجسماني قبل موته. فبعد قيامته أصبح إيمانهم وعلاقتهم به
قوة انتصارية دافعة، بينما كان اعتبارهم له قبل موته دائم
التأرجح والتشكك. أشار الرسول بولس إلى حقيقة وجود المسيح المطلق
في كل مكان بقوله: «مِلْءُ ٱلَّذِي يَمْلَأُ ٱلْكُلَّ فِي ٱلْكُلِّ» (أفسس 1: 23).
8 - الخلق:
مرة أخرى نجد أن تقديم الإنجيل بحسب يوحنا للمسيح واضح ومختصر ومفيد: «كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ» (1: 3) - «كُوِّنَ ٱلْعَالَمُ بِهِ» (1: 10). وما أوحى به الروح القدس عبر كتابة الرسول بولس ليس أقل شأناً في الشهادة للمسيح الخالق: «فَإِنَّهُ
فِيه (في المسيح) خُلِقَ ٱلْكُلُّ: مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ
وَمَا عَلَى ٱلأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لا يُرَى، سَوَاءٌ
كَانَ عُرُوشاً أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاطِينَ.
ٱلْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. اَلَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ
شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ ٱلْكُلُّ» (كولوسي 1: 16 و 17).
أما كاتب الرسالة إلى العبرانيين فكتب عن الأمر مذكِّراً
بما كان أنبياء العهد القديم قد سبق وقالوه عن المسيح القادم إلى
العالم: «وَأَمَّا عَنْ ٱلابْنِ (فقال اللّه على لسان داود): كُرْسِيُّكَ يَا أَللّٰهُ إِلَى دَهْرِ ٱلدُّهُورِ...»
(عبرانيين 1: . وهكذا كان قد ورد في المزمور 45: 6. وفي (1: 10
و11) يتابع كاتب الرسالة إلى العبرانيين اقتباسه من أقوال
الأنبياء عن المسيح: «وَأَنْتَ يَا رَبُّ
فِي ٱلْبَدْءِ أَسَّسْتَ ٱلأَرْضَ، وَٱلسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ
يَدَيْكَ. هِيَ تَبِيدُ وَلٰكِنْ أَنْتَ تَبْقَى...»
وهذا ما ورد في مزمور 102: 25. وكاتب هذه الرسالة هنا سعى ليس
لمجرّد تذكيرنا بما يقوله العهد القديم في المسيح، بل أيضاً
لإِيقافنا على حقيقة كون العهد القديم يقول في المسيح ما لا
يُقال سوى في اللّه بالذات، فهو كان قد سبق وقال في المسيح: «حَامِلٌ كُلَّ ٱلأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ» (عبرانيين 1: 3) وهذا ما ينطبق تماماً على ما ورد في رسالة الرسول بولس الأولى إلى المؤمنين في كورنثوس: «... وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ، ٱلَّذِي بِهِ جَمِيعُ ٱلأَشْيَاءِ» (8: 6).
لقد كتب بصدد هذا الموضوع أحد كبار المفكرين المسيحيين يقول: «يخبرنا
الكتاب المقدس أن المسيح هو خالق الكون بأسره، ما هو منظور وما
هو غير منظور. هذا لا يتضمن فقط ما في الكون الطبيعي والمادي من
شموس ونجوم لا تُحصى، بل أيضاً جميع أنواع الحياة
الشخصية بما في ذلك الملائكة والبشر. الجميع مدينون له بوجودهم،
وهو يشرف على كافة أرجاء الكون، حامياً له من التفكك والانحلال
والخراب. وتفيدنا كلمة اللّه أن المسيح هو مصدر كل الأشياء
ما يُرى وما لا يُرى، وهو الغاية النهائية لكل الخليقة. إذن
ليس المسيح هو خالق كل الأشياء فقط، بل إنها جميعاً خُلقت لأجله
هو، فهو الآخِر كما هو الأول، وهو النهاية كما هو البداية».
9 - السلطان والحق في مغفرة الخطايا:
عندما شفى يسوع المفلوج وغفر له خطاياه تململ الكتبة متسائلين في سرّهم: «لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هٰذَا هٰكَذَا بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إِلا ٱللّٰهُ وَحْدَهُ؟» (مرقس 2: 7). لكن يسوع عرف ما في قلوبهم وبادرهم قائلاً: «وَلٰكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ ٱلإِنْسَانِ سُلْطَاناً عَلَى ٱلأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ ٱلْخَطَايَا....»
(مرقس 2: 10). وأما المفلوج فقد أمره يسوع، بعد أن غفر له
خطاياه، أن يحمل سريره ويذهب إلى بيته. وهكذا فإننا نرى أن
المسيح يربط بين صلاحيته لمغفرة خطايا البشر وقدرته الألهية
على شفاء أمراضهم. وهو لم يتكلم عن مجرد السلطة على مغفرة خطية
الآخرين، بل أكّد أنه هو نفسه البديل الذي يحمل عقاب الخطية عنهم.
وأعلن لتلاميذه بعد قيامته من الموت «وَأَنْ يُكْرَزَ بِٱسْمِهِ بِٱلتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ ٱلْخَطَايَا لِجَمِيعِ ٱلأُمَمِ»
(لوقا 24: 47). أمّا شهادة يوحنا المعمدان الذي جاء ليمهد الطريق
لمجيء المسيح فقد كانت واضحة وجلية أمام الجميع: «هُوَذَا حَمَلُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ ٱلْعَالَمِ» (يوحنا 1: 29)، وبشّر الرسول بطرس الأمم قائلاً: «لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ ٱلأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِٱسْمِهِ غُفْرَانَ ٱلْخَطَايَا...» (أعمال الرسل 10: 43) وكتب بولس الرسول: «لَنَا فِيهِ ٱلْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ ٱلْخَطَايَ» (كولوسي 1: 14). وكتب الرسول يوحنا في رسالته الأولى: «وَدَمُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱبْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ»
(1: 7). ليسوع المسيح إذن المقدرة على مغفرة خطايا
الآخرين، لأنه هو نفسه كان مزمعاً أن يدفع ثمن ذلك الفداء الثمين.
10 - مؤسس الخلاص:
لدينا
مجموعة بيانات وتصريحات في الكتاب المقدس تعلّمنا أن
السيد المسيح هو مؤسس ومنبع الخلاص. وهذه البيانات والتصريحات
تدعو الناس إلى الإِيمان بالإله الحقيقي الوحيد. وغاية الإِيمان
الحياة الأبدية. ورد في الإنجيل بحسب يوحنا 3: 36 «اَلَّذِي
يُؤْمِنُ بِٱلابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ،
وَٱلَّذِي لا يُؤْمِنُ بِٱلابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ
يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ ٱللّٰهِ». هذه شهادة يوحنا
للمسيح أنه في الإيمان الخلاص، وفي الخلاص الحياة الأبدية. أجاب
بولس وسيلا في أعمال الرسل 16: 31 على رغبة سجَّانهما المتلهفة
لمعرفة الحق: «آمِنْ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ». أما المسيح نفسه فكلماته لم تكن أقل وضوحاً بهذا الشأن إذ يقول: «أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللّٰهِ فَآمِنُوا بِي» (يوحنا 14: 1).
يؤكد يوحنا أيضاً أن المؤمنين يرثون الحياة الأبدية، ولم يكن هذا ليحصل لولا محبة اللّه الآب. «لأنَّهُ
هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ
ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ
بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ... اَلَّذِي يُؤْمِنُ
بِهِ لا يُدَانُ، وَٱلَّذِي لا يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ،
لأنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِٱسْمِ ٱبْنِ ٱللّٰهِ ٱلْوَحِيدِ»
(يوحنا 3: 16 و 18). ويخبرنا يوحنا أيضاً بلسان السيد المسيح عن
السبب الجوهري للإيمان. فما هي المحبة وما هو الخلاص والحياة
الأبدية إن لم يؤكد لنا يسوع أنه حي إلى الأبد؟ فالإيمان به
هو الأمل الوحيد للانتصار على الموت، حيث يصرح لنا: «أَنَا هُوَ ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى ٱلأَبَدِ...» (يوحنا 11: 25، 26).
ولهذا،
فالإيمان بالمسيح مرتبط تماماً بالإيمان باللّه، وكلمة
اللّه لا تفرق بينهما. ففي الإنجيل بحسب يوحنا 12: 44 يأتي قول
المسيح: «ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي»، وفي 6: 28 - 40 من نفس الإنجيل المقدس ترى هذه العبارات: «مَاذَا نَفْعَلُ حَتَّى نَعْمَلَ أَعْمَالَ ٱللّٰهِ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «هٰذَا
هُوَ عَمَلُ ٱللّٰهِ: أَنْ تُؤْمِنُوا بِالَّذِي هُوَ
أَرْسَلَهُ.. َأنَا هُوَ خُبْزُ ٱلْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ
إِلَيَّ فَلا يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلا يَعْطَشُ
أَبَداً... لأنَّ هٰذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي:
أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى ٱلابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ
لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي ٱلْيَوْمِ
ٱلأَخِيرِ». وقال: «أَنَا
ٱلْكَرْمَةُ (الحقيقية) وَأَنْتُمُ ٱلأَغْصَانُ. ٱلَّذِي يَثْبُتُ
فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هٰذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأنَّكُمْ
بِدُونِي لا تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً. إِنْ كَانَ
أَحَدٌ لا يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجاً كَٱلْغُصْنِ،
فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي ٱلنَّارِ،
فَيَحْتَرِقُ» (يوحنا 15: 5، 6). وأيضاً في 10: 9 يقول: «أَنَا هُوَ ٱلْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى». وفي 10: 27 و 28 يقول: «خِرَافِي
تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا
أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى
ٱلأَبَدِ، وَلا يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي». أما الصلاة الشفاعية المدوَّنة في يوحنا 17: 3 ففيها قال السيد المسيح: «و
ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ ٱلإِلٰهَ
ٱلْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ ٱلَّذِي
أَرْسَلْتَهُ».
راجع أيضاً هذه الآيات ذات البيان الواضح التي وردت في الإنجيل بحسب متى 10: 32 و 11: 27، 28.
ومن سفر الرؤيا 2: 10 «كُنْ أَمِيناً إِلَى ٱلْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ ٱلْحَيَاةِ».
ومن أعمال الرسل 4: 12 «وَلَيْسَ
بِأَحَدٍ غَيْرِهِ ٱلْخَلاصُ. لأنْ لَيْسَ ٱسْمٌ آخَرُ تَحْتَ
ٱلسَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ، بِهِ
يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ».
إنّ اسم «يسوع» هو من مصدر إلهي وهو يعادل «يشوع» بالعبرية ومعناه «يهوه المخلّص» أو «اللّه هو المخلصّ». فقبل أن يأتي المسيح إلى عالم البشر وصفه الملاك الذي بشّر به هكذا «تَدْعُو ٱسْمَهُ يَسُوعَ، لأنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» تَدْعُو ٱسْمَهُ يَسُوعَ، لأنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» (متى 1: 21) حتى أن يوحنا الرسول طرح بوضوح القصد الحقيقي من كتابته في قوله: «وَأَمَّا
هٰذِهِ (أي الأمور المختصة بيسوع) فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا
أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ، وَلِكَيْ
تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِٱسْمِهِ» (يوحنا 20: 31).
حمل
هذه التصريحات أعظم وأثمن وأكرم الوعود. أنها بكل تأكيد
لا تدع مجالاً للشك في أن الإيمان بالمسيح أمر ضروري للخلاص،
وأنه بمعزل عنه لا يوجد أمل في الخلاص. ومن المستحيل على أحد أن
يأتي بتصريحات ساطعة وباهرة كالتي صرح بها السيد المسيح بخصوص
شخصيته وتأثيره على حياة الآخرين. لقد قال أحد عظماء
اللاهوتيين: «من الواضح أن اللّه بالذات في
عدم محدوديته لا يسعه أن يقدم شيئاً أعظم قدراً ولا أسمى منزلة
مما يهب السيد المسيح لشعبه، فهم موجَّهون للتطلّع إليه كمصدر كل
بركة وواهب كل عطية صالحة وخالصة الكمال. إنها لأروع الصلوات
وأكثرها تعبيراً تلك التي ختم بها الوحي الإلهي الرسالة إلى
مؤمني مقاطعة غلاطية والتي تقول: نعمة ربّنا يسوع المسيح مع روحكم
أيها الإخوة. آمين».
أولاً: ألقاب المسيح
«يسوع»
هو الاسم الذي يعني مخلّص، وهو ما نسبه الملاك للمسيح
عندما كشف حقيقة مجيئه لكل من يوسف ومريم. قال الملاك ليوسف: «وَتَدْعُو ٱسْمَهُ يَسُوعَ، لأنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» (متى 1: 21) وقال لمريم: «هَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ٱبْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ» (لوقا 1: 31). «يسوع» هو الصيغة اليونانية للاسم العبري «يشوع» الذي يعني «يهوه هو الخلاص». أما وقد دُعي المسيح بـ «يسوع» فقد عبَّر هذا عن أهمية المهمة الخلاصية التي جاء لينجزها.
واسم المسيح يعني «الممسوح». وكان اللقب المعروف للمخلّص، وكثيراً ما استُعمل كاسم عَلَم. و «مسيح»
يعني الممسوح من قِبَل الرب، وهذا له أساس قوي ومتواصل
في تاريخ الشعب العبري عندما كان يتم احتفال تتويج ملوكهم
بالمَسْح بالزيت (راجع صموئيل الأول 9: 16 و 10: 1 وسفر صموئيل
الثاني 19: 10). فالملك كان يُدعى أحياناً «مسيح يهوه» (راجع سفر صموئيل الأول 24: 6). إذن لقب «المسيح» هو للتذكير بأن الملك هو من أعلى طراز، أما الإسم المركب «يسوع المسيح»، فالمقصود منه هو «المخلص الممسوح»
أي المخلص صاحب المكانة عند اللّه.تبيِّن لنا سجلات العهد الجديد
حقيقة هامة هي أنّ يسوع تقبَّل من الناس أسمى الألقاب.
فقد سمح لهم بأن يصفوه بما يوصف به اللّه. مع أنه منع غيره من
قبول ألقاب مثل «المعلم» أو «السيد»
(متى 23: 8 - 10) نجده يقبل لنفسه تلك الألقاب (يوحنا 4: 31 و 9:
2)، بل أنه أكثر من ذلك امتدح من أعطوه إياها إذ قال: «أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّماً وَسَيِّداً، وَحَسَناً تَقُولُونَ، لأنِّي أَنَا كَذٰلِكَ»
(يوحنا 13: 13). وعندما كانوا يهيئون دخوله للقدس في
موكب كبير، أرسل المسيح اثنين من تلاميذه ليأتيا بجحش، وأمرهما أن
يقولا لصاحبه إن «... ٱلرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ» (مرقس 11: 3). ويُدعى المسيح عبر صفحات العهد الجديد «سيد»
ليس بمجرد المعنى الذي فيه يقدم للبشر قسطاً من السلطة
والشرف أو المكانة، بل بمعنى كونه حقاً السيد الأسمى ومطلق
السيادة في ملكوته. وهو ربّ المسيحيين المؤمنين به، مثلما كان
اليهود يؤمنون أن يهوه هو الرب في أيام العهد القديم.
قيل عنه في الإنجيل حسب لوقا 2: 11 و 6: 5 «وُلِدَ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱلرَّبُّ» و «ابن الإِنسان هو ربّ السبت». وفي الرسالة إلى فيلبي 2: 11 و 4: 5 «... يَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ ٱللّٰهِ ٱلآبِ»، ثم «الربّ قريب».
في الرسالة الأولى إلى كورنثوس 2: 8 ذكر: «رب المجد» وورد في الإنجيل حسب متى 15: 22 «ارحمني يا سيد» وكتب بولس الرسول في الرسالة إلى رومية 10: 9 «لأنَّكَ
إِنِ ٱعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ،
وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ ٱللّٰهَ أَقَامَهُ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ،
خَلَصْتَ». ومن سفر أعمال الرسل 10: 36 «يُبَشِّرُ بِٱلسَّلامِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. هٰذَا هُوَ رَبُّ ٱلْكُلِّ». ويضيف سفر الرؤيا في 4: 8 و 4: 11 و 19: 16 ما يلي: «قُدُّوسٌ
قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، ٱلرَّبُّ ٱلإِلٰهُ ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ، ٱلَّذِي كَانَ وَٱلْكَائِنُ وَٱلَّذِي يَأْتِي». «أَنْتَ
مُسْتَحِقٌّ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ أَنْ تَأْخُذَ ٱلْمَجْدَ
وَٱلْكَرَامَةَ وَٱلْقُدْرَةَ، لأنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ كُلَّ
ٱلأَشْيَاءِ، وَهِيَ بِإِرَادَتِكَ كَائِنَةٌ وَخُلِقَتْ».
«وَلَهُ عَلَى ثَوْبِهِ وَعَلَى فَخْذِهِ ٱسْمٌ مَكْتُوبٌ: مَلِكُ ٱلْمُلُوكِ وَرَبُّ ٱلأَرْبَابِ».
لقد
أعلن الوحي المقدس المسيح ربّاً للجميع، للذين في السماء وعلى
الأرض. له يجب أن تسجد جميع المخلوقات اعترافاً بسلطانه
المطلق. وحده له الحق فينا والسلطان علينا لأنه الخالق والفادي.
استعمل الرسول بولس عادة اصطلاحاً تقديمياً في رسائله هو «ٱللّٰهِ أَبِينَا وَٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ»
كشهادة إيمان مسيحية للّه (راجع الرسالة إلى رومية 1: 7
والرسالة الأولى إلى كورنثوس 1: 3 والرسالة الثانية إلى كورنثوس
1: 2 والرسالة إلى غلاطية 1: 3)، الصيغة المركبة هذه هي إشارة
للإله الذي يعبده المسيحيون، وهي تشير لكل من الآب والابن في
مساواة مطلقة. هكذا فإن الآب والابن متحدان معاً، لا
انفصال أو تفريق بينهما في وحدانية جوهرهما ومع ذلك فإنهما
يتمتعان باستقلال ذاتي، فبعض الأعمال تنسب للواحد دون الآخر،
مثلاً في الرسالة إلى غلاطية 1: 1-3 نقرأ عن «يَسُوعَ
ٱلْمَسِيحِ وَٱللّٰهِ ٱلآبِ وَرَبِّنَا يَسُوعَ
ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأجْلِ خَطَايَانَ». أما البركة الرسولية فهي: «نِعْمَةُ
رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ ٱللّٰهِ،
وَشَرِكَةُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمين» (2
كورنثوس 13: 14). ففيها يبقى اسم الرب يسوع المسيح مرتبطاً في
مساواة مطلقة مع الآب والروح القدس، كمصدر لكل بركة
روحية.
كانت
قد نُسبت أسماء متنوعة وكثيرة للّه في العهد القديم، نسبها
العهد الجديد أيضاً للمسيح. فالبشير متّى عند تسجيله لولادة
المسيح نسب إليه الاسم «عمانوئيل» إذ يقول: «وَهٰذَا
كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ ٱلرَّبِّ
بِٱلنَّبِيِّ: «هُوَذَا ٱلْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ٱبْناً،
وَيَدْعُونَ ٱسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» (ٱلَّذِي
تَفْسِيرُهُ: اَللّٰهُ مَعَنَا)» (متى 1: 22 و 23. إشعياء 7: 14).
في
العهد الجديد يظهر المسيح كملكنا وفادينا في هيئة شخصية
أزلية. ويقول الرسول يوحنا في معرض وصفه للرؤيا التي رآها عن
عظمة المسيح المتسلط على كل شيء. «فَلَمَّا
رَأَيْتُهُ سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ، فَوَضَعَ
يَدَهُ ٱلْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلاً لِي: لا تَخَفْ، أَنَا هُوَ
ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ، وَٱلْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتاً وَهَا
أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ ٱلآبِدِينَ. آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ
ٱلْهَاوِيَةِ وَٱلْمَوْتِ» (رؤيا 1: 17 - 18). وفي نبوة إشعياء 44: 6 نقرأ: «هَكَذَا
يَقُولُ ٱلرَّبُّ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَفَادِيهِ، رَبُّ
ٱلْجُنُودِ: أَنَا ٱلأَوَّلُ وَأَنَا ٱلآخِرُ وَلا إِلَهَ غَيْرِي». وكما رأينا فإن يسوع المسيح يدعى «ربّ»
مراراً وتكراراً في العهد الجديد. لكن هذا الموقف لا ينفرد به
العهد الجديد وحده، فالعهد القديم، في معرض التنبؤ عن
المسيح، أشار إليه بوضوح أحياناً بنفس اللقب. هذا ما نجده في
مزمور 110: 1 «قَالَ ٱلرَّبُّ لِرَبِّي: ٱجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ».
(قابل هذا بما ورد في الإنجيل بحسب متى 22: 44 حيث ينسب
المسيح لنفسه تلك الإشارة من سفر المزامير. وكذلك نقرأ في نبوة
ملاخي 3: 1 «وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ ٱلسَّيِّدُ ٱلَّذِي تَطْلُبُونَهُ».نسب العهد الجديد ليسوع إسم «اللّه»
أكثر من عشر مرّات (راجع يوحنا 1: 1 و 18 و 20: 28 ورسالة يوحنا
الأولى 5: 20 والرسالة إلى العبرانيين 1: 8 ورسالة الرسول بطرس
الثانية 1: 1 وسفر أعمال الرسل 18: 26 و 20: 28 والرسالة إلى
رومية 9: 5 والرسالة الثانية إلى تسالونيكي 1: 12 والرسالة
إلى تيطس 2: 13 والرسالة الأولى إلى تيموثاوس 3: 16).
هذا
ما يتفق عليه علماء تفسير الكتاب من شتى المذاهب هو أن
يسوع، كما أعلن العهد الجديد، هو نفسه ربّ العهد القديم. فكتبة
العهد الجديد ينسبون للمسيح أقوالاً من العهد القديم هي في أصلها
كانت تشير إلى «أدوناي» أو «يهوه»
إسمي الألوهية في العهد القديم. (قابل نبوة أشعياء 40: 3 مع
الإنجيل حسب مرقس 1: 3 ونبوة يوئيل 2: 32 مع سفر أعمال الرسل
2: 21 والرسالة إلى رومية 10: 13 ونبوة إشعياء 45: 23 مع
الرسالة إلى فيلبي 2: 10 ... قابل أيضاً نبوة إرميا 9: 24 مع
الرسالة الأولى إلى كورنثوس 1: 31 و 10: 17 ومزمور 68: 18 مع
الرسالة إلى أفسس 4: 8، ونبوة إشعياء 2: 19 مع الرسالة الثانية
إلى تيموثاوس 4: 14 وسفر الرؤيا 22: 13).
علينا أن نلاحظ إذن أن المسيح يُدعى في العهد الجديد بالألقاب التالية:
في الإنجيل بحسب متى
«يسوع، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم» 1: 21
«عمانوئيل، أي اللّه معنا» 1: 23
«المسيح ابن اللّه الحي» 16: 16
«يسوع المسيح» 16: 20
«ابن الإِنسان» 17: 9
«معلم» 23: 10
في الإنجيل بحسب لوقا
«يسوع الناصري، قدّوس اللّه» 4: 34
في الإنجيل بحسب يوحنا
«الكلمة» 1: 1
«كل شيء به كان» 1: 3
«كُّوٍّن العالم به» 1: 10
«الابن الوحيد» 1: 18، 3: 16
«ابن اللّه» 1: 34 و 49، 20: 31
«ملك إسرائيل» 1: 49
«المسيح مخلّص العالم» 4: 42
«الخبز الحي» 6: 51
«الباب» 10: 7
«الراعي الصالح» 10: 11
«القيامة والحياة» 11: 25
«المسيح ابن اللّه الآتي إلى العالم» 11: 27
«الطريق والحق والحياة» 14: 6
«الكرمة الحقيقية» 15: 1
في سفر أعمال الرسل
«القدوس البار» 3: 14
«رئيس الحياة» 3: 15
«مخلّص» 5: 13
في الرسالة إلى رومية
«إلهاً مبارك» 9: 5
في الرسالة الأولى إلى كورنثوس
«قوة اللّه وحكمته» 1: 24
«ربّ المجد» 2: 8
«رأس كل رجل» 11: 3
في الرسالة الثانية إلى كورنثوس
«صورة اللّه» 4: 4
في الرسالة إلى غلاطية
«فادي» 3: 13
في الرسالة إلى فيلبي
«ربّ» 2: 11
في الرسالة الأولى إلى تيموثاوس
«ربّ الأرباب» 6: 15
في الرسالة إلى العبرانيين
«وارث لكل شيء» 1: 2
«بهاء مجد اللّه ورسم جوهره» 1: 3
«رئيس الخلاص» 2: 10
«رئيس كهنة عظيم» 4: 14
«رئيس الإِيمان ومكمّله» 12: 2
«وسيط» 12: 24
في رسالة بطرس الثانية
«المخلّص» 1: 1
في سفر الرؤيا
«الرب الكائن» 1: 8
«الكائن والذي كان والذي يأتي» 1: 8
«القادر على كل شيء» 1: 8
«الأول والآخر» 1: 17
«الحيّ» 1: 18
«الألف والياء البداية والنهاية» 21: 6
ثانياً: صفات المسيح
نجد
عبر صفحات العهد الجديد الخصائص والصفات الإِلهية الثابتة
للمسيح، وذلك لا يحدث على سبيل المجاملة كما في حالات امتداح
مخلوقين أتقياء، بل أن ما ينسب إلى المسيح من صفات هو من النوع
الذي لا يمكن أن يُنسب سوى للّه وحده. فيما يلي نعرض قائمة بتلك
الخصائص:
1 - بلا خطية:
في الإنجيل بحسب يوحنا 6: 69 نجد إقراراً مهمّاً أعلنه الرسول بطرس عن المسيح الذي آمن به: «أَنْتَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ». وفي رسالته الأولى يقول بطرس عن سيده: «لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلا وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ» (2: 22). ويصرح الرسول بولس بدوره فيقول عن المسيح: «لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً» (2 كورنثوس 5: 21)، أما كاتب الرسالة إلى العبرانيين فيقول في المسيح: «قُدُّوسٌ بِلا شَرٍّ وَلا دَنَسٍ، قَدِ ٱنْفَصَلَ عَنِ ٱلْخُطَاةِ...»
(7: 26) وقد تحدث المسيح نفسه عن قداسته وكماله. ففي يوحنا 8: 29
يقول مشيراً إلى كمال أخلاقه وعصمته عن الخطأ بالنسبة لشريعة
اللّه: «لأنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ». وفي يوحنا 8: 46 تحدّى معارضيه الذين سعوا للتشكيك في نزاهته قائلاً: «مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟» إضافة إلى ذلك فإن الإنجيل يحدثنا عن إقرار الشياطين، ألدّ أعدائه، فيقولون عنه: «قدّوس اللّه»
(مرقس 1: 24). هذه كلها اعتبارات مهمّة، خاصة وإن الكتاب المقدس
لا يسمح بأن تُضفى مثل هذه الصفات من الكمال على أي من
خلائق اللّه.
2 - الأزلية:
مقدمة
الإنجيل بحسب يوحنا لها مقامها الفريد من جهة الكشف عن
أزلية المسيح. ففي العدد الأول نرى تعريفاً مهمّاً للمسيح ككلمة
اللّه المتجسد: «في البدء كان الكلمة»، وفي نفس السفر نجد إعلانات واضحة من فم المسيح نفسه عن أزليته، فيقول عن نفسه: «قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ» (يوحنا 8: 58). ثم في صلاته الشفاعية الخاصة صلّى المسيح للآب قائلاً: «مَجِّدْنِي بِٱلْمَجْدِ ٱلَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ ٱلْعَالَمِ» (يوحنا 17: 5)، «لأنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ ٱلْعَالَمِ»
(العدد 24) بالإضافة إلى هذا نجد مضمون النبوات التي تحدثت عن
المسيح في أسفار أنبياء العهد القديم قبل مجيئه بمئات
السنين. فالنبي إشعياء دعاه في سفره «أباً أبدي» (9: 6) والنبي ميخا قال عنه: «مَخَارِجُهُ مُنْذُ ٱلْقَدِيمِ مُنْذُ أَيَّامِ ٱلأَزَلِ» (5: 2). إذن المسيح هو ملك جميع الدهور.
3 - مصدر الحياة: خالقها ومبدعها:
تطرّق الوحي الإِلهي إلى وصف المسيح كما يلي في الإنجيل بحسب يوحنا:
- «فِيهِ كَانَتِ ٱلْحَيَاةُ» - 1: 4
- «أَنَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى ٱلآبِ إِلا بِي» - 14: 6
- «أَنَا هُوَ ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ» - 11: 25
- «لأنَّهُ
كَمَا أَنَّ ٱلآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ،
كَذٰلِكَ أَعْطَى ٱلابْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي
ذَاتِهِ» 5: 26
4 - الثبات المطلق وعدم التغيّر:
توجز الرسالة إلى العبرانيين وتحسم الأمر هكذا: «يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَٱلْيَوْمَ وَإِلَى ٱلأَبَدِ» (13: . «وَأَنْتَ
(إشارة إلى المسيح) يَا رَبُّ فِي ٱلْبَدْءِ أَسَّسْتَ ٱلأَرْضَ،
وَٱلسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ. هِيَ تَبِيدُ
وَلٰكِنْ أَنْتَ تَبْقَى، وَكُلُّهَا كَثَوْبٍ تَبْلَى،
وَكَرِدَاءٍ تَطْوِيهَا فَتَتَغَيَّرُ. وَلٰكِنْ أَنْتَ أَنْتَ،
وَسِنُوكَ لَنْ تَفْنَى» (1: 10 - 12).
5 - القدرة المطلقة على كل شيء:
لم
يتردد السيد المسيح مطلقاً في الكشف عما لديه من قدرة في الوقت
المناسب. هذا لا يقتصر على مجرد إجراء المعجزات والعجائب،
وكذلك لا غموض في تصريحاته عن هذا الموضوع: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى ٱلأَرْضِ» (متى 28: 18)، «كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي» (متى 11: 27).
كتب الرسول بولس بوحي من الروح القدس في رسالته التعليمية إلى المؤمنين في أفسس: «وَأَخْضَعَ
(أي اللّه الآب) كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، وَإِيَّاهُ
جَعَلَ رَأْساً فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ» (أفسس 1: 22). أما كاتب الرسالة إلى العبرانيين فيعرّف المسيح أنه: «حَامِلٌ كُلَّ ٱلأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ» (1: 3). وفي سفر الرؤيا يخبرنا الوحي أن المسيح هو «ٱلرَّبُّ ٱلْكَائِنُ... وَٱلَّذِي يَأْتِي، ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» (1: ، والنبي إشعياء تنبأ عنه قائلاً فيه «الإِله القدير» (إشعياء 9: 6).
لكن
الأمر لم يقتصر على مجرد بيانات. إنما ما قيل في المسيح،
سواء على فمه هو أو على فم غيره، بوحي من اللّه، كان دائماً
مدعَّماً بالأعمال الخارقة للطبيعة والتي أُجريت علناً وشهد لها
الجميع، الأصدقاء والأعداء على السواء. فقد أقام الموتى (راجع
يوحنا 11: 43، 44 ولوقا 7: 14 و15) . وكشف أنه هو الذي
سينجز عملية القيامة الأخيرة لجميع الأموات عندما قال: «إِنَّهُ
تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ ٱلَّذِينَ فِي
ٱلْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ ٱلَّذِينَ فَعَلُوا
ٱلصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ ٱلْحَيَاةِ وَٱلَّذِينَ عَمِلُوا
ٱلسَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ ٱلدَّيْنُونَةِ» (يوحنا 5: 28، 29).
6 - العلم المطلق بكل شيء:
قال التلاميذ للسيد المسيح: «اَلآنَ نَعْلَمُ أَنَّكَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ...»
(يوحنا 16: 30)، والإنجيل المقدس يكشف لنا حقيقة عِلْم المسيح
بما يجري في عقول وأفئدة البشر. فعندما صرح للمفلوج بغفرانه
لمعاصيه كشف في نفس الوقت عن الاشمئزاز الصامت لمعارضيه
بتصريحه هذا: «فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، فَقَالَ: لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِٱلشَّرِّ فِي قُلُوبِكُمْ؟» (متى 9: 4).
وهذا ما يسجله أيضاً البشير يوحنا:
«لٰكِنَّ
يَسُوعَ لَمْ يَأْتَمِنْهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، لأنَّهُ
كَانَ يَعْرِفُ ٱلْجَمِيعَ. وَلأنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجاً
أَنْ يَشْهَدَ أَحَدٌ عَنِ ٱلإِنْسَانِ، لأنَّهُ عَلِمَ مَا كَانَ
فِي ٱلإِنْسَانِ» (2: 24،25).
«لأنَّ يَسُوعَ مِنَ ٱلْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ ٱلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ، وَمَنْ هُوَ ٱلَّذِي يُسَلِّمُهُ» (6: 64).
«فَخَرَجَ يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا يَأْتِي عَلَيْهِ» (18: 4).
وورد في رسالة بولس إلى كولوسي أنه «... ٱلْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ ٱلْحِكْمَةِ وَٱلْعِلْمِ» (2: 3). وقال المسيح عن نفسه: «وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ ٱلابْنَ إِلا ٱلآبُ، وَلا أَحَدٌ يَعْرِفُ ٱلآبَ إِلا ٱلابْنُ»
(متى 11: 27). إن ما يكشف عنه المسيح هنا هو في غاية الأهمية.
فهو يفهمنا الحقيقة الأساسية في ألوهيته، وهي أن ذاته وكيانه
اللاهوتييْن هما على درجة شاهقة من العظمة حتى أنه لا يمكن
لأحد غير اللّه نفسه إستيعابهما. ليس ذلك فقط، بل أوضح المسيح لنا
من جهة أخرى أن طاقة معرفته اللاهوتية هي غير محدودة كمعرفة
اللّه الآب الكاملة والتامة.
كشف الإنجيل بكل تأكيد أن يسوع كان يتمتع بعلم وحكمة مطلقين لا حدود لهما. قال أحد المفكرين بهذا الأمر: «إن
أعظم الدلائل على قدرة المسيح الخارقة في فحص وتحليل
وقراءة ما يتضمنه قلب الإِنسان من أسرار هي ما كشف عنه بخصوص كل
من نثنائيل، والمرأة السامرية، وتلميذه الخائن يهوذا، وتلميذه
المغرور بنفسه بطرس. أخبر المسيح وأشار إلى وقائع المستقبل،
فتحدث عن موته وقيامته وعودته إلى الأرض». إن مسيرة
التاريخ كانت مفتوحة أمام عينيه، فهو قد تتبع متضمنات ما سبق
وصار، وهو رأى مسبقاً الأعمال المعجزية الخارقة التي كان سينجزها
تلاميذه، كما أنه أخبر عن هزيمة إبليس العتيدة وانتصار ملكوت
اللّه الذي يلازم ذلك. فالأرض والسماء، الأزل والأبد، اللّه
والإِنسان كل شيء مكشوف أمام عينيه.
7 - الوجود الكلي الذي لا يحده مكان ولا زمان:
عرّفت بشارة يوحنا المسيح على أنه «اَلابْنُ ٱلْوَحِيدُ ٱلَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ ٱلآبِ هُوَ خَبَّرَ»
(1: 18). في ذلك تأكيد ليس فقط على أن المسيح ذو علاقة
لاهوتية مباشرة باللّه، بل أيضاً هنالك تشديد على أنه بالرغم من
تجسُّده ووجوده على الأرض بين البشر فإن صلته الوثيقة ولحمته
الحميمة مع اللّه بقيت دون تغيير أو تحوير. فعند تجسده لم يكن
يعبّر عن مجرد علاقته السابقة باللّه، أي أنه كان مع اللّه،
بل أنه بقي أيضاً مع اللّه. هذا في الواقع ما يعنيه العدد
الأول من بشارة يوحنا والذي يقول دون إبهام: «فِي ٱلْبَدْءِ كَانَ ٱلْكَلِمَةُ (أي المسيح)، وَٱلْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ ٱللّٰهِ، وَكَانَ ٱلْكَلِمَةُ ٱللّٰهَ». فالمسيح إذن كان مع اللّه وبقي عند تجسده في صورة بشرية «كائن» مع اللّه. ويلقي يسوع نفسه ضوءاً على تلك الحقيقة في قوله: «وَلَيْسَ
أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ إِلا ٱلَّذِي نَزَلَ مِنَ
ٱلسَّمَاءِ، ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ ٱلَّذِي هُوَ فِي ٱلسَّمَاءِ» (3: 13). قال المصلح الشهير يوحنا كالفن بصدد هذا النص من الإنجيل: «المسيح
تجسد، ولكنه لم يُحصَر ولم تقلّ قيمته، فابن اللّه نزل من السماء
بطريقة معجزية خارقة للطبيعة، في نفس الوقت الذي فيه بقي
موجوداً في السماء. لقد اختار أن يولد من عذراء بطريقة عجيبة
لكي يعيش على الأرض ويُعلَّق على الصليب. لكنه في الوقت ذاته لم
يكفّ عن أن يملأ الكون بوجوده، كما كان الكون معمَّراً بوجوده منذ
البداية».
ثم نلاحظ أن المسيح نفسه كشف عن حقيقة وجوده الكلي وغير المحدود عندما قال: «حَيْثُمَا ٱجْتَمَعَ ٱثْنَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ بِٱسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ» (متى 18: 20) وكذلك في قوله: «هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ ٱلأَيَّامِ إِلَى ٱنْقِضَاءِ ٱلدَّهْرِ»
(متى 28: 20). إنّ نصّ الإنجيل الأخير هذا ورد على لسان يسوع
عندما كان مجتمعاً برسله على جبل الزيتون بعد قيامته من الأموات.
وهو هنا يطمئنهم ويؤكد لهم استمرارية وجوده وقوته معهم،
حتى أنه أزاح الستار على أنّ تأثيره عليهم ومعهم لن يكون تأثير
معلّم أو نبي ميت ومقبور، بل هو تأثير من هو حاضر وحيّ دائماً.
أما كونه موجوداً في كل مكان فهذا يعني أنه يبقى دائماً قريباً،
قادراً على حماية وتعزية شعبه حتى لا يصيبهم أذى أو أسى
غير ما يراه هو ويسمح به لأجل صالحهم ومنفعتهم. لقد كان حضور
المسيح مع تلاميذه بعد قيامته من الموت أكثر وضوحاً من وجوده
الجسماني قبل موته. فبعد قيامته أصبح إيمانهم وعلاقتهم به
قوة انتصارية دافعة، بينما كان اعتبارهم له قبل موته دائم
التأرجح والتشكك. أشار الرسول بولس إلى حقيقة وجود المسيح المطلق
في كل مكان بقوله: «مِلْءُ ٱلَّذِي يَمْلَأُ ٱلْكُلَّ فِي ٱلْكُلِّ» (أفسس 1: 23).
8 - الخلق:
مرة أخرى نجد أن تقديم الإنجيل بحسب يوحنا للمسيح واضح ومختصر ومفيد: «كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ» (1: 3) - «كُوِّنَ ٱلْعَالَمُ بِهِ» (1: 10). وما أوحى به الروح القدس عبر كتابة الرسول بولس ليس أقل شأناً في الشهادة للمسيح الخالق: «فَإِنَّهُ
فِيه (في المسيح) خُلِقَ ٱلْكُلُّ: مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ
وَمَا عَلَى ٱلأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لا يُرَى، سَوَاءٌ
كَانَ عُرُوشاً أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاطِينَ.
ٱلْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. اَلَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ
شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ ٱلْكُلُّ» (كولوسي 1: 16 و 17).
أما كاتب الرسالة إلى العبرانيين فكتب عن الأمر مذكِّراً
بما كان أنبياء العهد القديم قد سبق وقالوه عن المسيح القادم إلى
العالم: «وَأَمَّا عَنْ ٱلابْنِ (فقال اللّه على لسان داود): كُرْسِيُّكَ يَا أَللّٰهُ إِلَى دَهْرِ ٱلدُّهُورِ...»
(عبرانيين 1: . وهكذا كان قد ورد في المزمور 45: 6. وفي (1: 10
و11) يتابع كاتب الرسالة إلى العبرانيين اقتباسه من أقوال
الأنبياء عن المسيح: «وَأَنْتَ يَا رَبُّ
فِي ٱلْبَدْءِ أَسَّسْتَ ٱلأَرْضَ، وَٱلسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ
يَدَيْكَ. هِيَ تَبِيدُ وَلٰكِنْ أَنْتَ تَبْقَى...»
وهذا ما ورد في مزمور 102: 25. وكاتب هذه الرسالة هنا سعى ليس
لمجرّد تذكيرنا بما يقوله العهد القديم في المسيح، بل أيضاً
لإِيقافنا على حقيقة كون العهد القديم يقول في المسيح ما لا
يُقال سوى في اللّه بالذات، فهو كان قد سبق وقال في المسيح: «حَامِلٌ كُلَّ ٱلأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ» (عبرانيين 1: 3) وهذا ما ينطبق تماماً على ما ورد في رسالة الرسول بولس الأولى إلى المؤمنين في كورنثوس: «... وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ، ٱلَّذِي بِهِ جَمِيعُ ٱلأَشْيَاءِ» (8: 6).
لقد كتب بصدد هذا الموضوع أحد كبار المفكرين المسيحيين يقول: «يخبرنا
الكتاب المقدس أن المسيح هو خالق الكون بأسره، ما هو منظور وما
هو غير منظور. هذا لا يتضمن فقط ما في الكون الطبيعي والمادي من
شموس ونجوم لا تُحصى، بل أيضاً جميع أنواع الحياة
الشخصية بما في ذلك الملائكة والبشر. الجميع مدينون له بوجودهم،
وهو يشرف على كافة أرجاء الكون، حامياً له من التفكك والانحلال
والخراب. وتفيدنا كلمة اللّه أن المسيح هو مصدر كل الأشياء
ما يُرى وما لا يُرى، وهو الغاية النهائية لكل الخليقة. إذن
ليس المسيح هو خالق كل الأشياء فقط، بل إنها جميعاً خُلقت لأجله
هو، فهو الآخِر كما هو الأول، وهو النهاية كما هو البداية».
9 - السلطان والحق في مغفرة الخطايا:
عندما شفى يسوع المفلوج وغفر له خطاياه تململ الكتبة متسائلين في سرّهم: «لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هٰذَا هٰكَذَا بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إِلا ٱللّٰهُ وَحْدَهُ؟» (مرقس 2: 7). لكن يسوع عرف ما في قلوبهم وبادرهم قائلاً: «وَلٰكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ ٱلإِنْسَانِ سُلْطَاناً عَلَى ٱلأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ ٱلْخَطَايَا....»
(مرقس 2: 10). وأما المفلوج فقد أمره يسوع، بعد أن غفر له
خطاياه، أن يحمل سريره ويذهب إلى بيته. وهكذا فإننا نرى أن
المسيح يربط بين صلاحيته لمغفرة خطايا البشر وقدرته الألهية
على شفاء أمراضهم. وهو لم يتكلم عن مجرد السلطة على مغفرة خطية
الآخرين، بل أكّد أنه هو نفسه البديل الذي يحمل عقاب الخطية عنهم.
وأعلن لتلاميذه بعد قيامته من الموت «وَأَنْ يُكْرَزَ بِٱسْمِهِ بِٱلتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ ٱلْخَطَايَا لِجَمِيعِ ٱلأُمَمِ»
(لوقا 24: 47). أمّا شهادة يوحنا المعمدان الذي جاء ليمهد الطريق
لمجيء المسيح فقد كانت واضحة وجلية أمام الجميع: «هُوَذَا حَمَلُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ ٱلْعَالَمِ» (يوحنا 1: 29)، وبشّر الرسول بطرس الأمم قائلاً: «لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ ٱلأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِٱسْمِهِ غُفْرَانَ ٱلْخَطَايَا...» (أعمال الرسل 10: 43) وكتب بولس الرسول: «لَنَا فِيهِ ٱلْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ ٱلْخَطَايَ» (كولوسي 1: 14). وكتب الرسول يوحنا في رسالته الأولى: «وَدَمُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱبْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ»
(1: 7). ليسوع المسيح إذن المقدرة على مغفرة خطايا
الآخرين، لأنه هو نفسه كان مزمعاً أن يدفع ثمن ذلك الفداء الثمين.
10 - مؤسس الخلاص:
لدينا
مجموعة بيانات وتصريحات في الكتاب المقدس تعلّمنا أن
السيد المسيح هو مؤسس ومنبع الخلاص. وهذه البيانات والتصريحات
تدعو الناس إلى الإِيمان بالإله الحقيقي الوحيد. وغاية الإِيمان
الحياة الأبدية. ورد في الإنجيل بحسب يوحنا 3: 36 «اَلَّذِي
يُؤْمِنُ بِٱلابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ،
وَٱلَّذِي لا يُؤْمِنُ بِٱلابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ
يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ ٱللّٰهِ». هذه شهادة يوحنا
للمسيح أنه في الإيمان الخلاص، وفي الخلاص الحياة الأبدية. أجاب
بولس وسيلا في أعمال الرسل 16: 31 على رغبة سجَّانهما المتلهفة
لمعرفة الحق: «آمِنْ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ». أما المسيح نفسه فكلماته لم تكن أقل وضوحاً بهذا الشأن إذ يقول: «أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللّٰهِ فَآمِنُوا بِي» (يوحنا 14: 1).
يؤكد يوحنا أيضاً أن المؤمنين يرثون الحياة الأبدية، ولم يكن هذا ليحصل لولا محبة اللّه الآب. «لأنَّهُ
هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ
ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ
بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ... اَلَّذِي يُؤْمِنُ
بِهِ لا يُدَانُ، وَٱلَّذِي لا يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ،
لأنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِٱسْمِ ٱبْنِ ٱللّٰهِ ٱلْوَحِيدِ»
(يوحنا 3: 16 و 18). ويخبرنا يوحنا أيضاً بلسان السيد المسيح عن
السبب الجوهري للإيمان. فما هي المحبة وما هو الخلاص والحياة
الأبدية إن لم يؤكد لنا يسوع أنه حي إلى الأبد؟ فالإيمان به
هو الأمل الوحيد للانتصار على الموت، حيث يصرح لنا: «أَنَا هُوَ ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى ٱلأَبَدِ...» (يوحنا 11: 25، 26).
ولهذا،
فالإيمان بالمسيح مرتبط تماماً بالإيمان باللّه، وكلمة
اللّه لا تفرق بينهما. ففي الإنجيل بحسب يوحنا 12: 44 يأتي قول
المسيح: «ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي»، وفي 6: 28 - 40 من نفس الإنجيل المقدس ترى هذه العبارات: «مَاذَا نَفْعَلُ حَتَّى نَعْمَلَ أَعْمَالَ ٱللّٰهِ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «هٰذَا
هُوَ عَمَلُ ٱللّٰهِ: أَنْ تُؤْمِنُوا بِالَّذِي هُوَ
أَرْسَلَهُ.. َأنَا هُوَ خُبْزُ ٱلْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ
إِلَيَّ فَلا يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلا يَعْطَشُ
أَبَداً... لأنَّ هٰذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي:
أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى ٱلابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ
لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي ٱلْيَوْمِ
ٱلأَخِيرِ». وقال: «أَنَا
ٱلْكَرْمَةُ (الحقيقية) وَأَنْتُمُ ٱلأَغْصَانُ. ٱلَّذِي يَثْبُتُ
فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هٰذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأنَّكُمْ
بِدُونِي لا تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً. إِنْ كَانَ
أَحَدٌ لا يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجاً كَٱلْغُصْنِ،
فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي ٱلنَّارِ،
فَيَحْتَرِقُ» (يوحنا 15: 5، 6). وأيضاً في 10: 9 يقول: «أَنَا هُوَ ٱلْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى». وفي 10: 27 و 28 يقول: «خِرَافِي
تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا
أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى
ٱلأَبَدِ، وَلا يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي». أما الصلاة الشفاعية المدوَّنة في يوحنا 17: 3 ففيها قال السيد المسيح: «و
ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ ٱلإِلٰهَ
ٱلْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ ٱلَّذِي
أَرْسَلْتَهُ».
راجع أيضاً هذه الآيات ذات البيان الواضح التي وردت في الإنجيل بحسب متى 10: 32 و 11: 27، 28.
- فَكُلُّ
مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ ٱلنَّاسِ أَعْتَرِفُ
أَنَا أَيْضاً بِهِ قُدَّامَ أَبِي ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ. - لَيْسَ
أَحَدٌ يَعْرِفُ ٱلابْنَ إِلا ٱلآبُ، وَلا أَحَدٌ
يَعْرِفُ ٱلآبَ إِلا ٱلابْنُ وَمَنْ أَرَادَ ٱلابْنُ أَنْ
يُعْلِنَ لَهُ. - تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ.
ومن سفر الرؤيا 2: 10 «كُنْ أَمِيناً إِلَى ٱلْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ ٱلْحَيَاةِ».
ومن أعمال الرسل 4: 12 «وَلَيْسَ
بِأَحَدٍ غَيْرِهِ ٱلْخَلاصُ. لأنْ لَيْسَ ٱسْمٌ آخَرُ تَحْتَ
ٱلسَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ، بِهِ
يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ».
إنّ اسم «يسوع» هو من مصدر إلهي وهو يعادل «يشوع» بالعبرية ومعناه «يهوه المخلّص» أو «اللّه هو المخلصّ». فقبل أن يأتي المسيح إلى عالم البشر وصفه الملاك الذي بشّر به هكذا «تَدْعُو ٱسْمَهُ يَسُوعَ، لأنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» تَدْعُو ٱسْمَهُ يَسُوعَ، لأنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» (متى 1: 21) حتى أن يوحنا الرسول طرح بوضوح القصد الحقيقي من كتابته في قوله: «وَأَمَّا
هٰذِهِ (أي الأمور المختصة بيسوع) فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا
أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ، وَلِكَيْ
تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِٱسْمِهِ» (يوحنا 20: 31).
حمل
هذه التصريحات أعظم وأثمن وأكرم الوعود. أنها بكل تأكيد
لا تدع مجالاً للشك في أن الإيمان بالمسيح أمر ضروري للخلاص،
وأنه بمعزل عنه لا يوجد أمل في الخلاص. ومن المستحيل على أحد أن
يأتي بتصريحات ساطعة وباهرة كالتي صرح بها السيد المسيح بخصوص
شخصيته وتأثيره على حياة الآخرين. لقد قال أحد عظماء
اللاهوتيين: «من الواضح أن اللّه بالذات في
عدم محدوديته لا يسعه أن يقدم شيئاً أعظم قدراً ولا أسمى منزلة
مما يهب السيد المسيح لشعبه، فهم موجَّهون للتطلّع إليه كمصدر كل
بركة وواهب كل عطية صالحة وخالصة الكمال. إنها لأروع الصلوات
وأكثرها تعبيراً تلك التي ختم بها الوحي الإلهي الرسالة إلى
مؤمني مقاطعة غلاطية والتي تقول: نعمة ربّنا يسوع المسيح مع روحكم
أيها الإخوة. آمين».
اسطفانوسخـادم الرب
-
تاريخ التسجيل : 06/12/2010
عدد المساهمات : 410
شفيعى : الرب يسوع
نقاط : 772
الديانة : مسيحى
مواضيع مماثلة
» اثباتات ان المسيح هو الله
» نعم.المسيح قال انا هو الله فأعبدوني,
» دخول السيد المسيح أرض مصر
» ارنى اين قال المسيح هو الله فاعبدونى
» دلائل يسوع المسيح هوالرب
» نعم.المسيح قال انا هو الله فأعبدوني,
» دخول السيد المسيح أرض مصر
» ارنى اين قال المسيح هو الله فاعبدونى
» دلائل يسوع المسيح هوالرب
مـنـتـديـات الـمســيح هــو الله :: † المنتديات الحياة المسيحية † :: منتدى الاسئلة الاهوتية و العقائدية المسيحية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى